المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لتعزيز الأخلاق



Game.Boy
08-03-2010, 11:46
إن غدا لناظره قريب...

...10....11............17......20.. .
كلها أرقام ...

منكم من قرأها سنوات و منكم من قرأها أياما و منكم من وقف عندها فلن يتسرع!

لكن في واقع الحال هي بالنسبة لعمر أرقام سنوات مرت من عمره. ..
يذكرها الآن سنة تلو الأخرى ...
وهو على فراش المستشفى النظيف الأبيض..

كل شيء يوحي بالطمأنينة و الصفاء ...
كلمتان ما عرف منهما عمر في دنياه إلا الصورة...

تناول كراسته و فتحها وعيناه المغمضتان بفعل التجاعيد التي تحاصرهما تتجولان بين السطور وتطويان صفحة لتستقبلا أخرى...


أشاح ببصره بعيدا إلى مكان آخر من المذكرة..:

"آآآآخ كم مر اليوم عصيبا مع أنه مر حافلا بالأموال...

لكم خاطرت يا عمر
و لو ضبطك رجال الأمن متلبسا لكنت الآن حبيس الأقفاص..
لكن لا عليك يا رجل مجرد منظر الذهب و الألماس يسكر عقلك و يبعث بالنشوة الآثمة في سائر جسدك..وينسيك الخوف و الوجل

هذه صفقة البداية و ما يأتي سيكون أعظم.."

هنا سخر عمر من نفسه وتذكر أيام الانحطاط والرذيلة
فزفر نفسا حانقا أودعه هموم الماضي

أدار بسبابته الصفحات ليجد:

" أول يوم في ميناء إسبانيا: دخلت بواخر المعلبات محشوة بالحشيش
والمخدرات، وطلب مني أن أتسلم المهمة
أتممتها على أكمل وجه ولم أضبط متلبسا ً.
قبضت المال الوفير الذي سال له لعابي نضاحا وفتحت عيناي على أشدهما
تعدان المبلغ و تقبلان طوب الميناء حجرا حجرا ...!"

كم كان ماضيه عفنا! لم يذكر أنه سجد لجبار السموات والأرض في حياته!
وبينما هو في غمرة الندم وقعت عينه على هذه الأسطر:

" هربت زوجتي بالأطفال حينما أخذتهم معي في رحلة عمل لإسبانيا
وتنكرت لي بعد أن لعبت القمار ووفرت لها المال الوفير.
تركتني بلا أولاد كالمجنون. بحثت عنها فلم أعثر لها على أثر!
و عدت أجر أذيال الخيبة إلى بلدي: ذهبنا أربعة ولم أعد إلا وحيدا!"

انسلت دمعتان حبيستان بين أهداب عمر حينما قرأ هذه الصفحة.

كيف لا وهي تذكره بفرحة دنياه: طفلتيه الحبيبتين.

لكم يشتاق لهما بعد أن مرت السنون و كبرتا لكن هيهات أن يحظى ولو بلحظة للقائهما، فلطالما تبرأت زوجته من ماله الحرام وخبثه ولؤمه ..
لكنه كان يركلها وينعتها بالرجعية الخرقاء...
ونبذته طفلتاه بعدما علمتا عنه من خبث وسوء طوية..

كان الخبث في نظره ذكاء والسرقة احترافية و معرفة بأمور الدنيا...

وكلما بعث له الله من يرشده وينصحه سخر منه بابتسامته المصطنعة متحدثا كالعالم ببواطن الأمور الخبير الحاذق عن خبرته العريضة في الحياة و معرفته بأسرار الزمان لكنه في الحقيقة حاليا يعلم أنه لم يفهم من الدنيا غير جانبها المظلم ! وأنه بعد حين وجد نفسه وهو لا يعرف شيئا!

نظر إلى ما بقي من الصفحات وكان يختارها عشوائيا:
" اليوم حسبت ثروتي التي فاقت الملايين. الأهل والأصحاب لا قيمة لهم، فقيمة المرء في هذه الغابة هي القوة والمال! فليذهب الأطفال وأمهم إلى حيث يشاءون، حينما تكون ثريا تستعبد من معك ولا يهم أكبرت أم مرضت...

أسطورة المال الذي يقهر المستحيل! "

لمع من بين شفته طقم أسنانه الناصعة وهو يضحك بعد قراءته لهذه الصفحة الأخيرة
وهتف في نفسه أن يا لها من ترهات كنت أعيشها !

ها هو ذا المال عندي وقد سلبت صحتي وصرت مقعدا وحيدا إلا من ذكرياتي! فهل أشعر بالسعادة التي كنت أنشد؟

أم أن مالي سيخلدني في هذه الحياة ؟ أم أن قلبي هانئ مطمئن ؟

حتى مع وفرة المال ؟ مالي أراه يتبخر من أمامي ؟
مجرد علاجي قد أتى على النصف الأكبر من ثروتي!

الآن فقط علم أن كلام زوجته صحيح!
وأن المال الحرام يمحق ويضيع. كأن لم يغن بالأمس!

سخر من التعاليم الربانية و من الأخلاق السامية ولم يتعظ بقصص من سبقوه من الذين جمعوا مالهم بالسرقة و النهب و القمار وبيع الممنوع...

منهم من مات على أقبح صورة ومنهم من رماه أبناؤه بعد أن سلبوه كل ما جمع!

ومنهم من هو مثله وجد نفسه مرميا في المستشفى مريضا مقعدا !

هذه نهاية من لا يستعف عن المال الحرام و من يأكل أموال الناس بالباطل
ويبغي على الخلطاء ..

سواء أقتنع بها أم لم يقتنع

الصخرة البيضاء
19-07-2010, 15:22
صح والله ... المال الحرام لا يدوم ابدا

جزاك الله خيرا اخي ونفع الله بك الاسلام والمسلمين