المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لحظات الــــصدق في دمعة الرجل



Eng Amr Adel
12-12-2009, 22:55
منذ نعومة أظفارك والكفاح يرافقك في كل زوايا الحياة لترسم لنفسك طريقا لا تعرف مفردات الانحراف، ولا يوجد بين معانيها منحنيات الذل والعار والاتكال، ساعيا وراجيا، حالما، داعيا إعتناق الشمس لعلها تصنع لك المجد، حتى لو كانت على محيط من اليأس والجرح، فهمتك يا صاحبي، لا تعرف الكسل، ونفسك لا يسكنها التخاذل، وطيات حنجرتك تحمل أنفاس المقاتلين، جل خلايا شبابك تسكنها الثورة، فهذا الوطن ونحن رجاله، وأننا عدنا من الموت لنحيا ونقاتل، عذرا تخدرنا واستشهد الرجال والوطن أصبح أوطان!

فحياتك أصبحت بلا شباب، وعمرك بلا ربيع، ساومت على تعبك فهلكت، تفننت بكفاحك فقتلت. حين أدركت الابتعاد عن الشمس التي لم ولن نصلها ما دمت أنت، لم ولن تصلها ما دمت كما أنت، والعيش لو للحظات في الظل، لعل شبابك يستدرج ربيعه بعد سقوط أوراقه وتعيد لضحكتك رومانسية البندقية.

مع اليقين مجرد ابتعادك عن الشمس ستبتعد عن الوطن، ستبعدك عن مخزون من الذكريات، كتبتها مدرسة اللاجئين وشهداء صفك الدراسي وليالي السجن وأيام الثورة وصوت قائد الثورة الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات.

سرت مبتعدا عن الشمس لأشهر معدودة قاتله معتقدا انك تتجه نحو الظل، متوهما بأن الظل سيقلدك بقلادة ربانيه تحمل بذروتها عنوان (الحياة). قلادة لا تعرف سوى الذهب ووهب الحياة والجمال لا تصاغ إلا للغة الحب ولا تشدو إلا بلباس الأفعى الجميل اللاذع، لا تسمو بأحد غير النزوة.




وبين السير والازدحام للوصول للقلادة وبين ما صنعته لنفسك لأعوام شمسية، كانت عيون الشمس ومن يقارعها، والمستفيد منها والمكافح للوصول إليها تراقبك، تتساءل! - ماذا حل به؟ هل عادت أدراجه للجنون ليهدر عمرا من الكفاح كاد أن يصل به ليعتنق هدفه المنشود؟ لعله محنك كما عرفناه وصل لهدفه وتقلد بالقلادة! لم يعلم مراقبيه ولن يدرك سائليه، ان السير في تلك الأيام الظلية قد أنهك الجسد والروح، وتجاوز شقاؤها كل ما عمل ولم يعمله شبابه، وأدخلت لعالمه مفهوم الأوهام، وبخرت من ماضيه حدود الشمس، وشتت من مستقبله مفهوم القمة وتحقيق الذات في هرم "ماسلو"، ولم تعد الطريق مفتوحة له للوصول لشمس، لا يهم، فأنا أعرفه جيدا فهو صاحبي، وما كان ليصبر على كل هذا لولا وجود القلادة في نهاية الطريق. وفي نهاية الطريق، على صاحبي أن يجتاز الخطوة الأخيرة، ويجيب عن أسئلتها ليقلد بربانيتها. من أنت! كم عمرك؟ عائلتك؟ أين تسكن؟ بلادك؟ من رفيقك؟ أين كنت؟ هل حل بك الجنون لأتنازل عن ربانيتي لك! متى ستموت؟ وها أنا وحدي اسمعه، ولا أحد غيري يراه في حالته الجنونية، يقول:
أنا ذلك الشاب من هذا الجرح، عمري سنين طويلة، ولدت منذ زمان، منذ بدأت أسير نحو الشمس، باحثا عن عنوان، ساعيا وراء حفنه من الكرامة، أما عائلتي فقد تعبت، لا تستطيع العيش، ماتت، قتلت، من كفر جوع وظلم الفقر.
لا بيت لي، ولكن إن غبت، أعلم أنني اسكن فوهة البندقية، بلادي، بلادي جار عليها الزمان، فسرقت، فزماني إن صدق غدر، رفيقي من كان صاحبي، وفتاة أحلامي الشمس، وأحلام ذابت وشردت وهي تتجول لتعرف حدود هجرتها.

لقد حل بي الجنون لحظة غروب الشمس، بعد ان توسلت طالبا ربانيتك، أيتها القلادة، لقد فاتني القطار، فلا تسالي عن موتي، فلقد دفنت قبل الموت، ولكن سأحيى في لحظة صدق، لحظه رسمت من عبرة رجل، وحزمت النتيجة من نظرة الوداع، نتيجة تسكن عجوزية ذكرياتي وأجوبه قد رصدت من الشمس.
http://www.najah.edu/?page=3134&news_id=5275