القضية الرابعة:
رجل الشرطة: في الرابع عشر من آذار عام 1985 هاتفتني امرأة كانت تقول بأنهم سمعوا صراخ فتاة وكان عالياً، وكأن أحداً يحاول الاعتداء عليها أو ما شابه، كانت تصرخ بصوت لم يسمعوا بمثله حدته من قبل.وفيما كانت الشرطة تهرع إلى المبنى تلقوا اتصالاً ثانياً ترافق هذه المرة مع أنين ضحية على وشك الموت.وعندما وصلت الشرطة كانت الضحية "بليندا وود" التي اتصلت وسُمع أنينها منذ لحظات قد فارقت الحياة.
دخلنا المطبخ أولاً حيث وجدنا جثة الآنسة وود كانت ممدة على ظهرها وجهاز الهاتف على الأرض بقربها، وقد كانت تسبح في بركة من الدماء.
آنذاك لم نعرف عدد الجروح التي أصيبت بها ولا ماهيتها. وبدأ المحققون يجمعون الأدلة محاولين تصور من ارتكب هذه الجريمةالنكراء.
ثم دخلنا غرفة النوم متتبعين آثار الأقدام، كان فراشها ملطخاً بالدماء أيضاً، كان واضحاً أن الهجوم الأول بدأ في غرفة نومها وبتدقيق النظر وجدنا سكين صيد قرب سريرها، كان ملوثاً بالدماء حتى منتصف النصل، وكانت هناك بصمات أصابع موجودة على مقبض الباب.
وفيما كانت الشرطة تتحرى وتدقق حصل شيء غير متوقع استرعى انتباههم. لقد لاحظ أحد رجال الشرطة أن المبني يتعرض لحريق، وخلال دقائق كان اللهب يأكل المبنى. وأول شيء خطر في بالهم هو ماذا لدينا الآن من أدلة؟
وإلى أن تمت السيطرة على الحريق كان المبنى قد دُمر والدلائل التي جُمعت قد أكلتها النيران، دُمرت البصمات الموجودة على السكين في غرفة النوم، وكل ماتبقى هو جسد بليندا المتفحم، الذي غطته أجزاء من السقف المنهار. وبدت يداها تحاولان الوصول إلى الهاتف لتقوم بالاتصال، وفيما بعد أُخذت بقايا جثة بليندا إلى الطبيب الشرعي، الدكتور "جوزيف بورتون".
جوزيف بورتون : تم وضع الجثة في كيس معقم وأتينا بها للتشريح في مارييتا وحوالي العاشرة والنصف من صباح الرابع عشر من آزار (مارس)، رأيت بليندا وود للمرة الأولى، وعندما شرحت الجثة عرفت أنها تعرضت لطعنة في الظهر تحت كتفها الأيمن بسكين طولها ست بوصات ولا يتعدى عرضها البوصة، وقد اخترقت السكين الظهر وخرجت من صدرها قرب الضلع الثاني وكسرته من الأمام.
لاحظ الدكتور بورتون أن أظافر يديها اليمنى أقصر من اليسرى ما يدل على أنها تستعمل اليد اليمنى أكثر، هذا التفصيل الصغير سيكون له بالغ الأثر في مجريات التحقيق فيما بعد،
لكن سؤالاً ظل من دون جواب، من قتل "بليندا" الأم البالغة الثلاثين من العمر التي لديها ولدان؟
بعد ظهر ذاك اليوم استطاع مفتشوا الحرائق تعيين المكان الذي سبب الحريق وكان شقة في الطابق الأول. وبالقرب من دائرة حريق كبيرة في الفراش وجدوا قارورة للمواد القابلة للاشتعال ملقاة على الأرض، ما يدل على أن هذه المادة هي التي أدت إلى اشتعال الحريق منذ البداية.
اعتقلت الشرطة الشاب "دونالد كاتشينز" الذي كان يستأجر الشقة، وهو تقني في مستشفى في السادسة والعشرين من العمر، وأُحضر إلى مكتب الشرطة واتهم بإشعال الحريق في المبنى.
أصبح "دونالد كاتشينز" المشتبه الأول في مقتل "بليندا وود".
ترى هل كان الحريق قد افتعل لإخفاء دليل الجريمة؟؟؟!!!.
جوزيف بورتون: طلب مني المحققون والمدعي العام إلقاء نظرات على المشتبه به دونالد كاتشينز، قال إنه أصيب بجروح ويريدون أن أتفحصها وأن آخذ منه عينة دم لمعرفة ما إذا كان قد احتسى مشروباً أم لا. وقد لاحظت على ساعده الأيسر عدة خدوش، بعضها مستدير ومحاطة ببعض الجروح وكأن أحداً ما حاول إمساك ساعده، كان ذلك ساعده الأيسر وإذا كان يواجه الضحية وهي تستعمل يدها اليمنى مع أظافرها القصيرة لما كان بإمكان يدها اليمنى أن تترك تلك الخدوش المستديرة على ساعديه من دون أن تترك أظافرها أي آثار لأنها قصيرة.
والمثير في الأمر أن ساعديه كانا مصابين بحروق من الداخل تحت الكوع وكأنه خدش جراء الإرتطام بصفحة صلبة أو جراء الوقوع على صفحة من الأسمنت.
عاد الدكتور بورتون إلى مسرح الجريمة ليرى إن كان بإمكان كاتشينز تسلق المسافة ما بين الدور الأول الذي يسكن فيه والدور الثالث حيث تسكن بليندا كما قدرت الشرطة.
جوزيف بورتون : قلت للملازم موريس استطيع تسلق المبنى فتسلقت وتمسكت باللوحة الأسمنتية على الطابق الأول وقفت هناك وأظهرت لهم بذلك أنني أستطيع الوصول بسهولة إلى الطابق الثالث وفعلت، ثم وصلت إلى شرفة بليندا لربما عالج الباب بمفك أو سكين لفتحه، وهكذا دخل السيد كاتشنز الشقة بسهولة، تسلقت الألواح التي كانت هناك ثم هبطت بنفس الطريقة ثم لاحظت أن ساعي أصيب بخدوش، ولحظة رأيتها كان الأمر بمثابة وميض، فقلت في نفسي هذه هي نفس الخدوش على ذراع دونالد كاتشينز التي صورت يوم قُتلت بليندا في الرابع عشر من مارس عام 1965.
حضر كاتشينز إلى المحكمة وهو يعتقد أن السلطات لا يمكنها أن تدينه لكن عندما وقف الدكتور بورتون كشاهد كان لديه مفاجأة للمتهم.
جوزيف بورتون : أحضرت قطعة من اللوح الموجود في الشقة، ومررت ساعدي عليها أمام القاضي وهيئة المحلفين وانتظرت بضع دقائق فأصيب بخدوش شبيهة بتلك الموجودة في الصور التي أُخذت لدونالد كاتشينز.
في تشرين الأول عام 1985 حوكم دونالد كاتشينز وأدين بتهمتين إحراق المبنى وقتل بليندا وود، وحكم عليه بالسجن المؤبد.
المفضلات